فضل الذكر والذاكرين
*فإن الذكر ضد النسيان وضد الغفلة.
لأجل هذا أمر المولى تبارك وتعالى به عباده المؤمنين قال تعالى"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ "البقرة:152.
وقال تعالى"وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ "الأعراف:205.
وقال تعالى"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً *وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ".الأحزاب41 ،42
وقال"إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"الأحزاب:35.
والذاكرون الله كثيرًا هم الذين يذكرون الله في كل حال كما قال ربنا"الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"آل عمران191
-وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت
"كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه ".الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 373 - خلاصة حكم المحدث : صحيح -شرح الحديث-
قال ابن عباس: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات يذكرون الله في أدبار الصلوات، وغدوًا وعشيًا أي صباحًا ومساءً، وفي المضاجع أي عند النوم، وكلما استيقظ من نومه، وكلما غدا أو راح من منزله أي في دخوله وخروجه والمعنى أنهم يذكرون الله في جميع أحوالهم.
وقال ابن الصلاح: إذا واظب المسلم على الأذكار المأثورة الثابتة صباحا ومساءً، وفي الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارًا كان من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وفي الحديث الذي رواه الأربعة إلا الترمذي "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعا، كتبا في الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات" ذكر ذلك النووي في الأذكار وروى ابن ماجه عن عبد الله بن بُسر رضي الله عنه أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم"
- أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال : لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ" الراوي : عبدالله بن بسر - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي- الصفحة أو الرقم: 3375 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا
فما أعظم أيها المسلم وما أيسر أن تكون من الذاكرين الله كثيرًا والذاكرات، وأن يبقى لسانك وقلبك وظاهرك وباطنك على هذا الذكر، فلا تغفل عن الله طرفة عين.
وقد ورد في فضل الذكر آيات وأحاديث كثيرة يطول المقال بذكرها منها ما رواه ابن ماجه والترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"- ألا أنبِّئُكُم بِخيرِ أعمالِكُم وأَرضاها عندَ مليكِكُم ، وأرفعِها في درجاتِكُم ، وخيرٍ لَكُم من إعطاءِ الذَّهبِ والورِقِ ، ومِن أن تلقوا عدوَّكُم فتَضرِبوا أعناقَهُم ، ويَضرِبوا أعناقَكُم ؟ قالوا: وما ذاكَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: ذِكْرُ اللَّهِ"الراوي : أبو الدرداء - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه -الصفحة أو الرقم: 3072 - خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا
*حضور الملائكة مجالس الذكر
والملائكة يتتبعون الذاكرين ويحرصون على مجالس الذكر كما في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"إنَّ للهِ تباركَ وتعالَى ملائكةً سيَّارةً . فُضُلًا . يتبعونَ مجالسَ الذكرِ . فإذا وجَدوا مجلسًا فيه ذِكرٌ قعَدوا معهمْ . وحفَّ بعضُهم بعضًا بأجنحتِهِم . حتَّى يملئوا ما بينَهُم وبينَ السَّماءِ الدُّنيا . فإذا تفرَّقوا عرَجوا وصعِدوا إلى السَّماءِ . قال فيسألُهُم اللهُ عزَّ وجلَّ ، وهو أعلمُ بهم : من أين جِئتُم ؟ فيقولونَ : جِئنا من عندِ عِبادٍ لك في الأرضِ ، يسبِّحونكَ ويكَبِّرونكَ ويُهلِّلونكَ ويَحمدونكَ ويسألونكَ . قال : وماذا يسألوني ؟ قالوا : يسألونَكَ جنَّتكَ . قال : وهلْ رأوْا جنَّتي ؟ قالوا : لا . أي ربِّ ! قال :فكيف لو رأَوْا جنَّتي ؟ قالوا : ويَستجيرونَكَ . قال : وممَّ يستجيرونَني ؟قالوا : من نارِكَ . يا ربِّ ! قال : وهل رأَوْا ناري ؟ قالوا : لا . قال : فكيفَ لو رأَوْا ناري ؟ قالوا : ويستغفرونَكَ . قال فيقولُ : قد غفرتُ لهم . فأعطيتُهم ما سألوا وأجَرتُهم ممَّا استجاروا . قال فيقولونَ : ربِّ ! فيهم فلانٌ . عبدٌ خطَّاءٌ . إنَّما مرَّ فجلس معهم . قال فيقولُ : وله غفرتُ . همُ القومُ لا يَشقَى بهم جليسُهُم "
الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2689- خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 10429 -
فتأمل أيها المسلم هذه المحاورة بين الله عز وجل وبين الملائكة، وفكر في قول الله تعالى"فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ"البقرة152 .أمر تعالى المؤمنين بذكره، ووعد عليه أفضل الجزاء، وهو الثناء في الملأ الأعلى على مَنْ ذكره, وخصوني -أيها المؤمنون- بالشكر قولا وعملا ولا تجحدوا نعمي عليكم.التفسير الميسر
وفي قوله في الحديث القدسي"يقول اللهُ تعالَى : أنا عندَ ظنِّ عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكَرَنِي ، فإن ذَكَرَنِي في نفسِه ذكرتُه في نفسي ، وإن ذكَرَنِي في ملأٍ ذكرتُه في ملأٍ خيرٌ منهم ، وإن تقرَّبَ إليَّ شبرًا تقرَّبتُ إليه ذراعًا ، وإن تقرَّبَ إليَّ ذراعًا تقرَّبتُ إليه باعًا ، وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلةً."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 7405 | خلاصة حكم المحدث :صحيح | شرح الحديث-هنا
وقوله "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ : أَنا مَعَ عبدي إذا هوَ ذَكَرَني وتحرَّكت بي شفتاهُ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 3074- خلاصة حكم المحدث : صحيح-هنا
وسل نفسك هل أنت مع ربك، وهل تحب أن يكون الله معك، وأن يذكرك في الملأ الأعلى من الملائكة، أم تريد أن تعرض عن الله وأن ترضى بملازمة الشياطين ومصاحبتهم أعاذنا الله منهم.
*ذكر الله عز وجل عصمة من الشيطان
فيا من يشكو من مس الشيطان ومن وسوسة الشيطان أين أنت من ذكر الله ومعية الرحمن والله تبارك وتعالى يقول: "وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيم" الأعراف: 200
"وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ "المؤمنون97
فهذه مواضع يرشد فيها المولى تبارك وتعالى إلى الاستعاذة به من العدو الأصيل وهو الشيطان الرجيم "إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ"فاطر:6.
فإنه لا يكفه عنك الإحسان لإنه يريد هلاكك بالكلية وهو عدو لك ولأبويك من قبلك، وكل همه أن يحول بينك وبين الجنة كما فعل مع أبويك من قبل"قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ *ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ "الأعراف:15- 17.
ولهذا أرشد عباده إلى الاستعاذة بالله منه فهو سبحانه الذي يرد كيده، ويكف شره، ويعفو عن زلات عباده ويتوب عليهم كما تاب على الأبوين حين زلا"قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ "الأعراف:23.
"فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"البقرة:37}
وذكر الله عز وجل في الجملة يحمي من الشيطان الرجيم، وفي الحديث الذي رواه الترمذي وأحمد عن الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن، فذكر أمرهم بالتوحيد والصلاة والصوم والصدقة ثم ذكر الخامسة وهي ذكر الله عز وجل فقال"....وآمُركم أن تَذكُروا اللهَ؛ فإنَّ مَثلَ ذلك كمَثلِ رجلٍ خرَج العدوُّ في أثَرِه سِراعًا حتَّى إذا أتى على حِصنٍ حَصينٍ، فأحرَز نفسَه منهم، كذلك العبدُ لا يُحرِزُ نفسَه مِن الشَّيطانِ إلَّا بذِكْرِ اللهِ".الراوي : الحارث بن الحارث الأشعري - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2863 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - هنا
". الحديث
قال ابن القيم: فلو لم يكن في الذكر إلا هذه الخصلة لكان حقيقًا بالعبد أن لا يفتر لسانه عن ذكر الله عز وجل وأن لا يزال لهجًا بذكره سبحانه، فإن العبد لا يحرز نفسه من عدوه إلا بالذكر، ولا يدخل عليه عدوه إلا من باب الغفلة، فهو يرصد العبد ويتربص به فإذا غفل العبد وثب عليه وافترسه، فإذا ذكر العبد ربه انخنس عدو الله وتصاغر حتى يكون كالذباب ولهذا سماه المولى تبارك وتعالى الوسواس الخناس لأنه يوسوس في الصدور فإذا ذكر الله تعالى خنس وكف وانقبض وتصاغر، ولا يتسلط إلا على من عجز عن ذكر ربه من أولياء الشيطان الضالين المضلين.
وقد روى أحمد في مسنده عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنتُ رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فعثر الحمار فقلت: تعس الشيطان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم"لا تقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، فإنَّكَ إذا قُلْتَ : تَعِسَ الشَّيْطَانُ ، تَعَاظَمَ في نفسِهِ ، وقال : صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي ، وإذا قُلْتُ : بسمِ اللهِ ، تَصاغَرَتْ إليهِ نفسُهُ حتى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنَ ذُّبابِ" الراوي : رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم المحدث : الألباني المصدر : صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم: 3129 خلاصة حكم المحدث : صحيح-هنا
وقال ابن عباس: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله تعالى خنس. "الوابل الصيب لابن القيم"
*فالغفلة عن ذكر الله عز وجل موات للقلوب.
"مثلُ الَّذي يذكُرُ ربَّه والَّذي لا يذكُرُ ربَّه مثلُ الحيِّ والميِّتِ" الراوي : أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس - المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6407 -خلاصة حكم المحدث : صحيح. هنا
*والبيت الذي لا يصلي فيه أهله كالقبر الذي يسكنه الأموات، وفي الحديث الصحيح
"اجعَلوا من صلاتِكم في بيوتِكم . ولا تتخِذوها قبورًا"الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم -الصفحة أو الرقم: 777 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 22448. هنا
، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال"يعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحدِكم ثلاثَ عُقَدٍ إذا نام . بكلِّ عُقدةٍ يضربُ عليك ليلًا طويلًا . فإذا استيقظ ، فذكر اللهَ ، انحلّتْ عُقدةٌ . وإذا توضأ ، انحلَّتْ عنه عقدتانِ . فإذا صلَّى انحلَّتِ العُقَدُ . فأصبح نشيطًا طيِّبَ النَّفسِ . وإلا أصبح خبيثَ النَّفسِ كَسْلانَ"
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 776 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- هنا
وإن من الموات أن يترك بعض الناس اللجوء إلى الله تعالى ويلجأون إلى ما يضرهم ولا ينفعهم من السحرة المشعوذين والكهنة والعرافيين، وهذا أعظم ما يطمع فيه الشيطان من ابن آدم أن يوقعه في الشرك ويحول بينه وبين التوكل على الله وحده، وينسون قول الله تعالى "وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ "البقرة:102.
وإن من العجب العجاب أن يلجأ بعض المسلمين إلى طلب الرقية ممن يزعمون أنهم يعالجون بالقرآن الكريم والرقية الشرعية مع أن نبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم الذي علمنا الرقية الشرعية حذرنا من أن نطلبها من أحد أو نسأل أحدًا وهو الذي يقول ""يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ ".
الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني- المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 2516 - خلاصة حكم المحدث صحيح هنا
وأخبرنا صلى الله عليه وسلم أن السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب من صفوة هذه الأمة "هم الذين لا يسترقون" أي لا يطلبون الرقية من أحد من الناس مع أن الرقية مشروعة ونافعة بإذن الله تعالى ولكنها مع ذلك لا يطلبها المؤمنون المتوكلون على الله عز وجل فهم "لايسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون" جعلنا الله منهم بمنه وكرمه.
واعلم أخي المسلم أن الغفلة عن ذكر الله تورث قسوة القلب، فيصدأ القلب، ويغلفه الران، حتى يصبح الغافل على شفا جرف هار ينهار به في أتون النفاق المفضي إلى الدرك الأسفل من النار، ولا ينقذنا من هذه الهاوية إلا الله عز وجل نحتمي به ونعتصم به من الضلالة.
وذكر الله عز وجل أمان من النفاق، لأن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا كما قال ربنا عز وجل.
"إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً"النساء:142.
لأجل هذا ختم المولى تبارك وتعالى سورة "المنافقون" بالتحذير من الغفلة عن ذكر الله عز وجل مخالفةً لسبيل المنافقين فقال"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ*وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ *وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ "المنافقون:9- 11.
مقتبس من هنا
تعليقات
إرسال تعليق